الولادة القيصرية

الولادة القيصرية La césarienne

الولادة القيصرية (Cesarean Section) هي عملية جراحية تُستخدم لولادة الطفل من خلال شقوق تُجرى في بطن ورحم الأم. الولادة القيصرية قد تكون مخططة مسبقًا أو طارئة، ويتم اللجوء إليها عندما تكون الولادة المهبلية الطبيعية غير مُمكنة أو تشكل خطرًا على صحة الأم أو الطفل.

في تونس، يُسجِّل المسح الصحي الوطني معدلات قيصرية مرتفعة تصل إلى حوالي 44–50% من إجمالي الولادات؛ حيث ترتفع النسبة في المناطق الحضرية لتتجاوز 50% وتصل إلى 55% في بعض الأقاليم مثل تونس الكبرى. للحد من الإجراءات الجراحية غير الضرورية، تُوصِي منظمة الصحة العالمية بعدم اللجوء إلى القيصرية إذا كانت الولادة تتقدَّمُ بشكل طبيعي، والمرأة وطفلها في صحة جيدة.

بينما تُفرِطُ تونس في اللجوء إلى العمليات القيصرية، تُعاني العديد من الدول النامية (التي تشكو من قلة الإمكانيات الطبية وضعف البنية التحتية الصحية) من نقص حاد في الوصول إلي خدمات الجراحة القيصرية حتى في الحالات الطارئة، ما يُؤدِّي إلى إرتفاع معدلات الوفيات أثناء الولادة بسبب عدم القدرة على التدخل في الحالات الحرجة (في أفريقيا جنوب الصحراء، تُعزى 60% من وفيات الأمهات إلى مضاعفات الولادة التي يُمكن تجنُّبها بالعمليات القيصرية).

إتصل بالدكتور إسكندر بن علية عبر الهاتف، واتساب أو فايبر

504 090 24 216+

أنواع الولادة القيصرية

    هناك 3 أنواع رئيسية من شقوق الولادة القيصرية، ويُحدَّدُ نوع الشق الجراحي في الرحم بناءً على الحالة الطبية للأم والجنين، مع أولوية إستخدام الشق السفلي الأفقي لتعافي أسرع مع مضاعفات أقل.

    1. الشق السفلي الأفقي: شق أفقي في الجزء السفلي من الرحم (المنطقة الأقل سماكةً والأكثر مرونةً)، وهو مناسب لمعظم الولادات القيصرية الروتينية (حوالي 95% من الحالات). نزيف أقل، شفاء أسرع، ندبة أقل وضوحًا، ويسمح بإمكانية الولادة المهبلية الطبيعية بعد قيصرية في المستقبل.
    2. الشق السفلي العمودي: شق عمودي في الجزء السفلي من الرحم. أقل شيوعًا من النوع الأفقي ويُستخدم في حالات تعسر الولادة، مثل إذا كان الجنين في وضع غير مستقر أو عرضي (مثل الوضع المقعدي المعقد)، أو المشيمة المنزاحة (عندما تغطي المشيمة عنق الرحم) لتجنب النزيف الحاد، أو عند وجود أورام ليفية كبيرة (Fibroids) تسد قناة الولادة. يُفضَّلُ في بعض حالات الولادة المبكرة عندما يكون الجزء السفلي من الرحم غير متطور بما يكفي لإجراء شق أفقي.
    3. الشق التقليدي (الشق العمودي العلوي): شق عمودي يبدأ من أسفل السرة حتى أعلى العانة. نادر جدًّا اليوم ويُستخدم فقط في الحالات الحرجة. يكون ضروريا في حالات الطوارئ القصوى عندما يكون هناك حاجة للوصول السريع إلى الجنين، أو إذا كان الجنين في وضع أفقي معقد ولا يُمكن تصحيحه قبل الولادة، أو عند تمزق الرحم أو نزيف داخلي مهدد للحياة.

    أنواع الولادة القيصرية

    شُقوق الرحم المُستخدمة خلال إجراء عمليات الولادة القيصرية

    دواعي إجراء العملية القيصرية

    الولادة القيصرية قد تكون مخططة مسبقًا أو طارئة، ويتم اللجوء إليها عندما تكون الولادة الطبيعية غير آمنة للأم أو الجنين.

    أسباب الولادة القيصرية المُخططة (المُبرمجة مُسبقًا)

    تُخطَّط الولادة القيصرية مسبقًا عند تحديد عوامل ومؤشرات تجعل الولادة الطبيعية محفوفة بالمخاطر أو صعبة التنفيذ، وتشمل:

    • حجم الجنين الكبير (Macrosomia): عندما يتجاوز وزن الجنين 4–4.5 كغ، خاصة إذا كانت الأم تعاني من سكري الحمل، مِمَّا يزيد خطر إصابات الولادة (مثل عسر الكتف).
    • تشخيص وضعية غير ملائمة للجنين: مثل الوضعية المقعدية (Breech Position) عندما يكون رأس الجنين لأعلى وقدماه أو مؤخرته نحو قناة الولادة، أو الوضعية المستعرضة (Transverse Lie) عندما يكون الجنين مستلقيًا بشكل أفقي في الرحم.
    • تشوهات الرحم أو الحوض: تشوهات خلقية في الرحم أو الحوض تعيق الولادة الطبيعية، أو الأورام الليفية الكبيرة التي تسد قناة الولادة.
    • أمراض القلب أو الرئة التي تجعل المخاض خطرًا على حياة الأم.
    • المشيمة المنزاحة (Placenta Previa): عندما تغطي المشيمة عنق الرحم كليًّا أو جزئيًّا، مِمَّا يعيق خروج الجنين ويزيد خطر النزيف الحاد أثناء المخاض.
    • المشيمة الملتصقة (Placenta Accreta): تُشخَّص معظم حالات المشيمة الملتصقة أثناء الحمل. يُعتبر إلتصاق المشيمة بعمق في جدار الرحم حالة خطيرة تستوجب إستعدادات خاصة، مثل توفر دم متبرع أو إشراف فريق جراحي متعدد التخصصات، وقد تتطلَّبُ إستئصال الرحم (Hysterectomy) في الحالات الشديدة. ملاحظة: إذا لم تُكتشف المشيمة الملتصقة خلال الحمل (عدم تشخيصها مُسبقًا)، قد يتفاجأ الأم والطبيب بوجود إلتصاق أثناء محاولة الولادة الطبيعية، مِمَّا يستدعي تحويلها لقيصرية طارئة.
    • الإصابة بعدوى نشطة: مثل الهربس التناسلي (Active Genital Herpes)، لتجنب نقل العدوى للجنين أثناء الولادة المهبلية.
    • إرتفاع ضغط الدم الحملي أو مقدمات الإرتعاج (تسمم الحمل) التي لا تستجيب للعلاج.
    • ولادة قيصرية سابقة: خاصةً إذا كان الشق الرحمي عموديًّا، مِمَّا يزيد خطر تمزق الرحم أثناء المخاض الطبيعي.
    • جراحات رحمية سابقة: حيث تزيد من إحتمال حدوث مضاعفات أثناء المخاض الطبيعي.
    • أمراض عصبية أو عظمية تُعيق الدفع (مثل إصابات العمود الفقري).
    • حمل الأم لأكثر من جنين (توأم أو أكثر): لضمان ولادة آمنة.
    • فشل تحريض المخاض (Failed Induction): إذا فشلت محاولات تحريض المخاض بشكل متكرر.
    • الحمل في سن متقدمة أو بعد عقم طويل، مِمَّا قد يزيد من التعقيدات ويجعل الأطباء أكثر حذرًا.
    • الإختيار الشخصي (Maternal Request): في بعض الحالات، تُفَضِّلُ الأم إجراء ولادة قيصرية مخططة لأسباب شخصية أو نفسية، مثل الخوف من الولادة الطبيعية (Tokophobia).
    • تاريخ لولادات طبيعية صعبة مثل الولادات التي تسبَّبَت في إصابات سابقة للأم أو الجنين.

    أسباب الولادة القيصرية الطارئة

    تُجرى الولادة القيصرية الطارئة عند ظهور مضاعفات تهدد حياة الأم أو الجنين أثناء المخاض أو الحمل، وتتطلب تدخلاً سريعًا. من أبرز الأسباب:

    • عدم تقدّم المخاض (Failure to Progress): عندما يتوقف توسع عنق الرحم أو لا يتحرك الجنين عبر قناة الولادة رغم مرور ساعات طويلة، مِمَّا يُعرِّض الأم للإجهاد والجنين للإختناق.
    • الوضعيات غير الطبيعية للجنين: مثل الوضعية المستعرضة (Transverse Lie) أو المقعدية (Breech Position) أثناء المخاض، والتي تجعل الولادة الطبيعية مستحيلة وتتطلب تدخلاً سريعًا.
    • ضائقة الجنين (Fetal Distress): تحدث عندما يعاني الجنين من نقص الأكسجين (بسبب مشاكل في الحبل السري أو المشيمة) أو إضطراب في معدل ضربات القلب (كتباطؤه أو تسارعه الشديد)، مِمَّا قد يؤدي إلى تلف دماغي أو وفاة إذا لم يُستخرج الجنين بسرعة.
    • إنفصال المشيمة المفاجئ (Placental Abruption): ينفصل جزء من المشيمة عن جدار الرحم قبل الولادة، مِمَّا يسبب نزيفًا حادًّا ويُعرِّض حياة الأم والجنين للخطر. قد يحدث بسبب إرتفاع ضغط الدم أو الصدمات الجسدية.
    • هبوط الحبل السري: عندما ينزلق الحبل السري إلى المهبل قبل الجنين، مِمَّا قد يؤدي إلى إنضغاطه وقطع إمدادات الدم والأكسجين. هذه الحالة تتطلب تدخلّاً فوريًّا لإنقاذ حياة الجنين.
    • تسمم الحمل الشديد (Eclampsia): يُصاحبه نوبات تشنجية وإرتفاع حاد في ضغط الدم، مِمَّا يستدعي إنهاء الحمل فورًا لإنقاذ الأم والجنين.
    • نزيف الأم الحاد (Severe Maternal Hemorrhage): قد ينتج عن مضاعفات مثل المشيمة المنزاحة (Placenta Previa) أو إضطرابات تخثر الدم. يتطلب هذا النزيف تدخلّاً عاجلاً لوقف فقدان الدم وإنقاذ الأم.
    • العدوى الحادة (Chorioamnionitis): إلتهاب في الأغشية والسائل المحيط بالجنين، مِمَّا قد يؤدي إلى إنتان (تعفن الدم) إذا لم يُعالج بسرعة عبر الولادة القيصرية.
    • تمزق الرحم (Uterine Rupture): يُعدُّ من الحالات النادرة لكنها مهددة للحياة، خاصة إذا كانت الأم قد خضعت لولادة قيصرية سابقة. يحدث تمزق في جدار الرحم، مِمَّا قد يؤدي إلى نزيف داخلي شديد وإختناق الجنين.

    كيفية عمل العملية القيصرية

    تستغرق العملية القيصرية ككل من 45 دقيقة إلى ساعة، لكنَّ إخراج الطفل يتم خلال 10–15 دقيقة. لتقليل خطر العدوى، تُنظَّفُ منطقة البطن بمُطَهِّر، وقد يتم قص شعر العانة في منطقة الشق الجراحي إذا لزم الأمر. يُركَّبُ المصل الوريدي لإيصال السوائل والأدوية اللازمة. تُجرى معظم العمليات القيصرية تحت تأثير التخدير النصفي، مثل التخدير النخاعي أو فوق الجافية، مِمَّا يُخدِّر الجزء السفلي من الجسم مع بقاء الأم واعية. في الحالات الطارئة، يُستخدم التخدير العام. بعد التخدير، يتم إدخال قسطرة بولية لإفراغ المثانة أثناء الجراحة.

    تتم عملية الولادة القيصرية من خلال فتح متسلسل يبدأ بالجلد والأنسجة تحت الجلد (الأنسجة الدهنية واللفافة)، يليها دفع العضلات جانبيًّا دون قطعها، ثم فتح الغشاء البريتوني (الصفاق) للوصول إلى الرحم. بعد إجراء شق رحمي (عادةً أفقي) للوصول إلى الجنين وإخراجه بأمان، يُعاد غلق كل طبقة بعناية ويُغطَّى جرح العملية بضمَّادة معقمة لحمايته من التلوث وإمتصاص أيِّ إفرازات.

    كيفية عمل العملية القيصرية

    ما قبل القيام بالجراحة

    تُعدُّ التحضيرات قبل إجراء الولادة القيصرية خطوة أساسية لضمان سلامة الأم والجنين أثناء العملية وبعدها. فيما يلي نظرة عامة على أهم الإجراءات والتدابير التي يتم إتباعها قبل العملية:

    • الفحوصات والتقييم الطبي: يُطلب من الأم إجراء إختبارات دم لتحديد فصيلة الدم ومستويات الهيموغلوبين، وذلك للتحضير لأيّ حاجة محتملة لنقل الدم أثناء الجراحة.
    • فحوصات أخرى: مثل تخطيط قلب الجنين (للتأكد من سلامته قبل الجراحة)، والتصوير بالموجات فوق الصوتية (لتحديد وضعية الجنين ومكان المشيمة)، وتقييم الحالة الصحية للأم (ضغط الدم، سكر الدم، وغيرها).
    • الصيام: يُطلب من الأم الصيام لمدة تتراوح بين 6 إلى 8 ساعات قبل العملية لتقليل خطر تقيؤ محتويات المعدة أثناء التخدير، مِمَّا يسهم في حماية مجرى التنفس أثناء الجراحة.
    • التعقيم: في الليلة السابقة للجراحة وصباح يوم العملية، يُنصح بالإستحمام بإستخدام صابون طبي مضاد للبكتيريا للتقليل من خطر العدوى. كما يُفضَّل تجنب إزالة شعر العانة أو البطن بإستخدام الشفرة، حيث قد يؤدي ذلك إلى زيادة خطر الإصابة بالعدوى. إذا كان من الضروري إزالة الشعر، سيقوم الفريق الطبي بذلك في يوم العملية.
    • تجهيز حقيبة المستشفى: من المفيد تحضير حقيبة تحتوي على المستلزمات الشخصية مثل ملابس مريحة للأم، وملابس للطفل، وحفاضات، وغطاء رأس..

    عند الوصول إلى المستشفى:

    • التعقيم: تعقيم البطن بمطهرات وإستخدام ملابس وجراحات معقمة في غرفة العمليات. قد يتم قص شعر العانة في منطقة الشق الجراحي إذا لزم الأمر.
    • تركيب المصل الوريدي (الوصلة الوريدية): لإعطاء السوائل والأدوية بسرعة (مثل المضادات الحيوية، مسكنات الألم)، وتعويض السوائل المفقودة أثناء الجراحة.
    • التخدير: التخدير النصفي (النخاعي أو فوق الجافية) هو الأكثر شيوعًا، حيث يُحقن المخدر في العمود الفقري لتخدير الجزء السفلي من الجسم مع بقاء الأم واعية. يُستخدم في الحالات الطارئة أو عند وجود موانع للتخدير النصفي.
    • إدخال القسطرة البولية: لتفريغ المثانة وتجنب إمتلائها أثناء الجراحة (قد تُعيق رؤية الجراح)، ومراقبة كمية البول لضمان سلامة الكلى.

      أثناء إجراء الجراحة

      تُجرى الولادة القيصرية عبر سلسلة من الخطوات الجراحية الدقيقة، تشمل فتح طبقات البطن والرحم، ثم إغلاقهما بعد إخراج الجنين.

      فتح طبقات البطن

      1. شق الجلد (Skin): يُجرى الشق الأفقي (شق Pfannenstiel) فوق خط شعر العانة مباشرةً (طول 10–15 سم). الشق العمودي (من السرة إلى العانة) نادر، ويُستخدم في الحالات الطارئة أو المعقدة (مثل النزيف الشديد أو وضعية الجنين غير الطبيعية).
      2. قطع الأنسجة الدهنية تحت الجلد (Subcutaneous Tissue): تُشقُّ طبقة الدهون تحت الجلد بالمشرط أو الكي الكهربائي للوصول إلى اللفافة.
      3. شق اللفافة (Fascia): تُفتح اللفافة (الطبقة الليفية القوية التي تغطي العضلات) بعناية بإستخدام مشرط أو مقص جراحي.
      4. التعامل مع عضلات البطن: في الشق الأفقي، تُدفع عضلات المستقيم البطني (Rectus Abdominis) جانبًا دون قطعها للحفاظ على قوتها وتقليل الألم بعد الجراحة. في الشق العمودي أو الحالات الطارئة، قد تُقطع العضلات جزئيًّا.
      5. الغشاء البريتوني (الصفاق – Peritoneum): وهو غشاء رقيق يغطي الأعضاء الداخلية في تجويف البطن. يُشَقُّ بعناية لتجنب إصابة الأمعاء أو المثانة.

      فتح الرحم وإخراج الجنين

      1. تحديد موقع شق الرحم: شق الرحم السفلي الأفقي هو الأكثر أمانًا (يقلل خطر تمزق الرحم في الحمل التالي). الشق العمودي نادر ويُستخدم في حالات الطوارئ أو الوضعيات غير الطبيعية.
      2. قطع طبقات الرحم: تُفتح 3 طبقات من الرحم بالتسلسل التالي: تُشقُّ السيروزا (الغشاء الخارجي للرحم) أوَّلاً للوصول إلى الطبقة العضلية. تُشقُّ عضلة الرحم (Myometrium) بعناية، مع مراعاة إتجاه الألياف العضلية لتقليل النزيف وتسهيل الوصول إلى البطانة. تُفتح أخيرًا بطانة الرحم (Endometrium) للوصول إلى الجنين والسائل الأمينوسي.
      3. إخراج الجنين والمشيمة: يُمسك الطبيب بالجنين ويخرجه برفق من خلال الشق. يُنظَّفُ فم وأنف الطفل من السوائل، ثم يُربط الحبل السري ويُقطع. يُسلَّمُ الطفل إلى الفريق الطبي لفحصه. تُزال المشيمة كاملةً، ويُفحصُ الرحم للتأكد من عدم وجود بقايا مشيمة أو تمزقات.

      في جراحة الولادة القيصرية، تُخاط طبقات الرحم والبطن بعد إخراج الجنين والمشيمة بعناية لضمان التعافي الجيد. تستغرق هذه العملية وقتًا أطول من الولادة نفسها، حيث يتم التأكد من إغلاق كل طبقة بشكل صحيح.

      إغلاق طبقات الرحم

      يُعاد تجميع طبقات الرحم بشكل دقيق لإستعادة سلامة الرحم وتسهيل عملية الشفاء بعد الولادة القيصرية.

      1. التعامل مع البطانة الرحمية (Endometrium): تُعتبر بطانة الرحم نسيجًا غنيًّا بالأوعية الدموية وخلايا سريعة التجدد. لذلك، لا تُخاط، حيث يُترك الجزء المفتوح منها ليلتئم تلقائيًّا مع تقلص الرحم بعد الولادة (خياطتها قد تزيد من خطر الإلتصاقات أو تؤثر على عملية إلتئامها الطبيعي).
      2. خياطة عضلة الرحم (Myometrium): تُخاط بإستخدام غرز قابلة للذوبان (مثل خيوط Vicryl) بشكل متكرر أو طبقي لضمان الإغلاق الآمن ومنع النزيف أو التمزق في الحمل اللاحق.
      3. غلق السيروزا (الغشاء الخارجي): تُغلق طبقة السيروزا بغرز دقيقة لتغطية السطح الخارجي للرحم. يساعد هذا الإجراء في تقليل تكوّن الإلتصاقات مع الأنسجة المحيطة على المدى البعيد.

      إغلاق طبقات البطن

      غلق طبقات البطن بعد الولادة القيصرية يتم بإتباع الخطوات التالية:

      1. التعامل مع الغشاء البريتوني (الصفاق): يتميز الغشاء البريتوني بقدرة طبيعية عالية على التجدد دون تدخل جراحي، حيث تتكاثر خلاياه الميسوثيلية بسرعة وتبدأ عملية الإصلاح بشكل متزامن في مواقع متعددة من الجرح. لذلك، توجه الدراسات الحديثة نحو تجنب خياطة الغشاء البريتوني في الولادات القيصرية غير المعقدة، لتفادي زيادة خطر الإلتهابات أو الإلتصاقات غير المرغوب فيها بسبب رد الفعل على الغرز أو الأجسام الغريبة.
      2. التعامل مع عضلات البطن: تُدفع (بدون قطع) عضلات البطن جانبًا (بإستخدام تقنية الإنفصال العرضي) لتفادي تلفها والحفاظ على قوتها، لذا لا تحتاج لخياطة. يساهم هذا النهج في تسريع التعافي وتقليل ألم ما بعد العملية، بالإضافة إلى الحفاظ على مظهر البطن. في الشق العمودي (نادر)، قد تُقطع العضلات جزئيًّا، فتُخاط بغرز قابلة للذوبان.
      3. غلق اللفافة (الطبقة الليفية): يُعدُّ إغلاق اللفافة الخطوة الأكثر أهمية. تُخاط بغرز قوية قابلة للذوبان ببطء لدعم جدار البطن ومنع الفتق. يُفضَّل إستخدام تقنية “الغلق المُحكم” (Mass Closure) لتعزيز القوة الميكانيكية.
      4. غلق الأنسجة الدهنية تحت الجلد: إذا كان سُمكها أكثر من 2 سم، تُغلق بغرز مفردة قابلة للإمتصاص (مثل Vicryl) لتقليل التوتر على الجلد ومنع التورم أو إلتِهاب النسيج الخلوي. إذا كانت رقيقة، قد تُترك دون غلق.
      5. غلق الجلد: تُستخدم غرز غير قابلة للإمتصاص (مثل النايلون) أو غرز تحت الجلد قابلة للإمتصاص (مثل Monocryl). تُستخدم الدبابيس الجراحية (staples) أحيانًا للإغلاق السريع، لكنها قد تزيد من خطر الندبات. في حالات الجروح النظيفة، يُمكن إستخدام الغراء الجراحي لإغلاق الجلد دون الحاجة للغرز، حيث يُوفِّر إلتصاقًا قويًّا ويقلل من التندب.

      إختيار طريقة إغلاق الجلد يعتمد على تفضيلات الطبيب وظروف المريضة، مع مراعاة الحصول على نتيجة جمالية مرضية وتقليل مخاطر المضاعفات. بعد إغلاق الجلد، تُوضع ضمادة معقمة على الجرح.

      ما بعد إجراء الجراحة

      تُنقل الأم إلى غرفة الإنعاش لمدة ساعتين على الأقل لمراقبة العلامات الحيوية (مثل ضغط الدم، معدل ضربات القلب والتنفس) والتأكد من إستقرار حالتها. يُسمح بالشرب والأكل الخفيف بعد عودة حركة الأمعاء. في حالة عدم وجود مضاعفات، يُزال الأنبوب الوريدي في اليوم التالي للجراحة. كما تُزال القسطرة البولية في اليوم الأول، ما لم يكن هناك أسباب طبية تستدعي تركها لفترة أطول. يُشجَّعُ على المشي البطيء بعد ساعات قليلة من الجراحة (حسب توصية الطبيب) لتجنب تجلط الأوردة وتحسين الدورة الدموية. يُنصح بإستخدام مشد بطني طبي لتقليل الألم أثناء الحركة. لا تتعارض العملية القيصرية مع الرضاعة. يُمكن للأم البدء بإرضاع الطفل بمجرد أن تشعر بالراحة، مع إختيار وضعيات تقلل الضغط على البطن. تستمر فترة الإقامة في المستشفى عادةً لمدة يومين إلى 3 أيام.

      في المنزل، على الأم تجنب رفع أشياء ثقيلة (أثقل من وزن الطفل) أو القيام بمجهود شاق لمدة 6 أسابيع. يجب الحفاظ على الجرح جافًّا ونظيفًا. يُوصى بإرتداء ملابس فضفاضة لتقليل الإحتكاك بالجرح، ومراقبة علامات العدوى مثل الإحمرار، التورم، إرتفاع الحرارة، أو خروج صديد من الجرح. يُوصى أيضًا بشرب كميات كافية من الماء لتجنب الإمساك، وتناول أطعمة غنية بالبروتين والفيتامينات (مثل الحديد والكالسيوم) لتسريع الشفاء.

      يتم تحديد موعد زيارة أولى للطبيب خلال 7-10 أيام بعد الجراحة لفحص الجرح وإزالة الغرز غير القابلة للذوبان أو الدبابيس الجراحية (إن وُجِدوا). زيارة ثانية بعد 6 أسابيع للتأكد من إلتئام الرحم وعودة الأعضاء لوضعها الطبيعي.

      المضاعفات التي يُمكن أن تنتج عن الجراحة

      يُمكن أن يرتبط إجراء القيصرية ببعض المضاعفات، مثل:

      • العدوى: قد تظهر عدوى في موقع الجرح أو داخل الرحم (إلتهاب بطانة الرحم)، وتظهر أعراضها بالإحمرار والتورم والحمى. يُمكن معالجتها بإستخدام المضادات الحيوية، لكن من المهم مراقبة الجرح جيِّدًا بعد العملية.
      • الإلتصاقات: قد تتكوَّنُ أنسجة ندبية تربط الأعضاء الداخلية بشكل غير طبيعي، مِمَّا قد يؤدي إلى آلام مزمنة في البطن أو الحوض، وصعوبات في الحمل المستقبلي.
      • تسارع النفس العابر عند حديثي الولادة: حالة مؤقتة تظهر خلال الساعات الأولى بعد الولادة، حيث يتنفس الطفل بسرعة (أكثر من 60 نفسًا/الدقيقة) بسبب بقاء السوائل في الرئتين. في الولادة الطبيعية، يساعد المخاض على تصريف السوائل الرئوية عبر الضغط على صدر الجنين وإفراز الهرمونات مثل الكورتيزول. أمَّا في الولادة القيصرية المخطط لها دون مخاض، تبقى السوائل في الرئتين، مِمَّا يُعيق التكيف التنفسي. تصل نسبة حدوث هذه الحالة إلى 28% عند الولادة في الأسبوع 36 من الحمل، وتنخفض إلى 8% عند الولادة بعد الأسبوع 40. تتحسَّن الحالة تلقائيًا خلال 24-72 ساعة مع مراقبة الأكسجين أو إستخدام أجهزة التنفس المؤقتة.
      • التأثير على الحمل المستقبلي: تكرار العمليات القيصرية قد يؤدي إلى زيادة مخاطر حدوث مشكلات مثل المشيمة الملتصقة أو المنزاحة، وتمزق الرحم.

      إرشادات للتقليل من الإعتماد على الولادة القيصرية

      أصبح الإقبال المتزايد على العمليات القيصرية دون مبرر طبي يُثير قلق منظمة الصحة العالمية التي تُشجِّع أطباء التوليد على تخفيض هذه النسبة بإعتماد جهود فعَّالة تتضمَّن:

      • تعديل بداية المخاض الفعّال: تغيير المعيار من توسع عنق الرحم 4 سم إلى 6 سم كعلامة لبداية المخاض النشط، مِمَّا يمنح النساء وقتًا أطول للولادة الطبيعية دون تدخلات مُبكرة.
      • تمديد فترة الدفع: السماح للمرأة بِمُواصلة الدفع لمدة ساعتين على الأقل إذا كانت قد أنجبت سابقًا، و3 ساعات إذا كانت هذه ولادتها الأولى. هذا يقلل من الحاجة إلى التدخل الطبي السريع أو إستخدام الجراحة دون داعٍ. شروط التمديد: 1/ إستمرار نبض الجنين ضمن المعدل الطبيعي. 2/ وجود مؤشرات على نزول رأس الجنين في الحوض.
      • تشجيع التمارين الرياضية المعتدلة أثناء الحمل: ممارسة تمارين مثل المشي، اليوغا، والسباحة يمكن أن تساعد في: 1/ تحسين لياقة القلب والأوعية الدموية. 2/ تقليل خطر سكري الحمل وإرتفاع ضغط الدم (عوامل تزيد فرص الولادة القيصرية). 3/ تقوية عضلات الحوض وتحسين تحمل الجسم للمخاض.
      • تثقيف وتوعية النساء الحوامل: شرح فوائد الولادة الطبيعية وتصحيح المفاهيم الخاطئة مثل الإعتقاد أنَّ القيصرية أسهل أو أكثر أمانًا دون سبب طبي.

      للمزيد من المعلومات حول الولادة القيصرية (إرشادات ونصائح لتسريع الشفاء بعد القيصرية، المدة المناسبة للحمل بعد الولادة القيصرية، الولادة المهبلية الطبيعية بعد القيصرية، تكلفة عملية الولادة القيصرية في تونس..)، يُمكن التواصل مباشرة مع الدكتور إسكندر بن علية عبر فايبر، واتساب أو إيمو.

      إقرأ أيضاً: الحمل خارج الرحم (أو الحمل المنتبذ) – موقع واب الدكتور إسكندر بن علية.