تجميد البويضات
تجميد البويضات وسيلة للحفاظ على خُصُوبَة المرأة التي قد تَتَأَثَّرُ سلبًا بعوامل مُختلفة، مِثْلَ التَقدُّم في العُمُر أو الإِصَابَة بِمَرَضٍ مَا. التقنية المُستَخدَمَة حَالِيًّا في تجميد البُوَيضات تُسمَّى التزجيج (أو التبريد فائق السرعة) ويتم إجراؤُها في مركز للخصوبة والعقم.
أحدثت تقنية التزجيج (Vitrification) ثورة في مجال تجميد البويضات بفضل سرعتها وفعاليتها العالية مقارنة بالتجميد البطيء (Slow Freezing)، وبفضلها أصبحت عملية تجميد البويضات إحدى أكثر العلاجات طلبًا من النساء الراغبات في تأجيل الأُمُومَة لأسباب طبية، إجتماعية أو إختيارية.
إتصل بالدكتور إسكندر بن علية عبر الهاتف، واتساب أو فايبر
ماهو التزجيج؟
مِنَ المَعرُوف أنَّ تركيبة البويضة غير المُخصَّبَة (تحتوي على نسبة عالية من الماء) تَزِيدُ مِنْ صُعوبة تجميدها أو الإحتفاظ بها حَيَّةً مُقارَنةً بالحيوانات المنوية والأجنة، مِمَّا يجعلها أكثر عُرضة للتلف خلال عملية فك التجميد. مع ظُهور تقنية التزجيج، تَحسَّنَت الأمور كثيرًا وصار من المُمكِنِ الإعتماد على البويضات المُجَمَّدَة للحفاظ على القدرة الإنجابية لدى النساء حتى بعد سِنِّ إنقطاع الطمث.
التزجيج هو عملية تجميد سريع للبويضات بإستخدام مواد حافظة فعّالة (Cryoprotectants) وتبريدها بسرعة فائقة (حوالي -196 درجة مئوية في النيتروجين السائل). يحافظ التبريد فائق السرعة على سلامة الهياكل الخلوية وتكامل المادة الوراثية (DNA) للبويضة، مِمَّا يجعلها قابلة للإستخدام بجودة قريبة من الطازجة (Fresh Egg). عندما ترغب المرأة في إستخدام بويضاتها، تُستخرج من حالة التجميد، تُخصَّبُ بالحيوانات المنوية، ثم تُزرع في الرحم ليبدأ الحمل. يقلل التزجيج البويضي الحاجة إلى تكرار تحفيز المبيض وسحب البويضات، مِمَّا يقلل من التكلفة والضغط النفسي والجسدي على المرأة.
كيف تتم عملية التجميد السريع للبويضات؟
قبل بدء عملية التجميد السريع للبويضات، تخضع المرأة لفحوصات بالموجات فوق الصوتية على المبيضين إضافة إلى إجراء بعض إختبارات فحص الدم للكشف عن مخزون المبيض والتَحَقُّق من عدم وجود أمراض مُعدِيَة مثل الإيدز وإلتهاب الكبد B وC.
مراحل عملية تجميد البويضات:
- تُعطى المرأة هرمونات مثل الهرمون المنبه للجريب (FSH) والهرمون الملوتن (LH) لتحفيز المبيضين على إنتاج عدد كبير من البويضات بدلًا من بويضة واحدة في الدورة الشهرية العادية. تستمر هذه المرحلة لمدة 10-14 يومًا، مع مراقبة تطور البويضات بإستخدام إختبارات الدم والموجات فوق الصوتية لضبط جرعات الهرمونات حسب الحاجة. بمجرد أن تصل البويضات إلى الحجم والنضج المطلوبين، تُحقن المرأة بهرمونات مثل hCG لتحفيز النضج النهائي للبويضات.
- بعد 34-36 ساعة من الحقنة الهرمونية التفجيرية، تُجمع البويضات الناضجة من خلال إجراء جراحي بسيط يُعرف بالشفط الجريبي بإستخدام إبرة رفيعة عبر المهبل، موجهة بالموجات فوق الصوتية. بالنسبة للنساء العازبات، تُجمع البويضات الناضجة عن طريق فتحات دقيقة في البطن. يسعى الأطباء للحصول على ما بين 10 و20 بويضة ناضجة وسليمة لتجميدها. في حال لم يتوفر العدد الكافي، قد يتم إجراء جولة ثانية من عملية التحفيز للمبيض. تُفصل البويضات عن السائل الجُريبي وتُغسل في المختبر.تُفحص البويضات تحت المجهر لتقييم جودتها وإختيار الناضجة منها.
- تُنقع البويضات في محاليل خاصة تحتوي على مواد واقية من التجميد (مثل الإيثيلين جلايكول أو الديميثيل سلفوكسايد). تعمل هذه المواد على سحب الماء من داخل الخلية وإستبداله جزئيًّا بها، مِمَّا يمنع تكوُّن بلورات ثلجية قد تُتلف البويضة أثناء التجميد. تُنقل البويضات بسرعة عالية إلى النيتروجين السائل (-196°C)، مِمَّا يُحوِّل السوائل داخل الخلية إلى حالة زجاجية صلبة (بدون بلورات ثلجية)، وهو جوهر عملية التزجيج. توضع البويضات المُجمدة في حاويات مفرغة مُخصصة (مثل القشات أو الشرائح الزجاجية) مع ترميز دقيق (باركود أو أرقام تسلسلية) لتسهيل تتبعها. تُحفظ هذه الحاويات داخل خزانات نيتروجين سائل ضخمة تُحافظ على درجة الحرارة الثابتة (-196°C). تُراقب الخزانات بأجهزة إستشعار إلكترونية تُنذر بأي تغيير في مستوى النيتروجين السائل أو درجة الحرارة. يُعاد تعبئة النيتروجين بإنتظام لضمان إستقرار الظروف طوال فترة التخزين، والتي قد تمتد لسنوات.
نسبة نجاح تجميد البويضات
بفضل تقنية التزجيج تصل نسبة نجاح فك التجميد إلى 90-95%، لكنَّ بقاء البويضة على قيد الحياة لا يضمنُ الإنجاب فيما بعد بصفة مُؤَكَّدَة. سَتَمُرُّ البويضات بمراحل أُخرى حيث سَتُخَصَّبُ كل بويضة بحيوان منوي واحد ثم تُنقل إلى الرحم في إطار عملية الحقن المجهري.
نشر مركز Conceptions Reproductive Associates بيانات حديثة تكشف عن فُرص الولادة الحَيَّة بإستخدام 6 بويضات مُجمَّدَة لِكُلِّ إمرأة، إختلفت معدلات نجاح الولادة الحَيَّة تبعًا لعمر المرأة وقت تجميد بويضاتها وتراوحت من 13% (عندما كان عمر المرأة 40 سنة) إلى 31% (عندما كان عمر المرأة 25 سنة). لتعزيز فُرص الحمل بطفل أو إثنين، يُوصي خبراء المركز بتجميد ما بين 15 و20 بويضة وإستخدام 5 أو 6 بويضات مُجمَّدَة في كل مُحاولة حمل.
المزايا الرئيسية لتقنية التزجيج مقارنة بالتجميد البطيء
يُمثِّل التزجيج اليوم الخيار الأمثل لحفظ البويضات، بفضل سرعته، وكفاءته، وقدرته على تجنب الأضرار الخلوية. ومع ذلك، تظل جودة البويضات وعمر المرأة عند التجميد عوامل حاسمة في نجاح العملية.
- سرعة العملية: يتم التزجيج خلال دقائق قليلة بفضل سرعة التبريد العالية (حوالي 1000 درجة مئوية في الدقيقة)، بينما يستغرق التبريد في عملية التجميد البطيء ساعات مع إنخفاض تدريجي في الحرارة (1-2 درجة مئوية في الدقيقة).
- منع تكوين بلورات الثلج: تدمج تقنية التزجيج بين إستخدام مواد حافظة فعالة وسرعة تبريد فائقة لضمان حماية البنية الخلوية والحيوية للبويضات بشكل مثالي. في المقابل، يسمح التجميد البطيء بتكوين بلورات الثلج التي قد تؤدي إلى تلف الخلايا وتقليل جودتها.
- الحفاظ على الجودة الوراثية والوظيفية: يحافظ التزجيج على سلامة الحمض النووي (DNA)، مِمَّا يزيد من إحتمالية تكوين أجنة سليمة بعد التخصيب. في المقابل، يؤدي التجميد البطيء إلى تشوهات كروموسومية في بعض الحالات بسبب الضرر الخلوي، مِمَّا يرفع مخاطر الإجهاض أو العيوب الخلقية.
- معدلات بقاء أعلى على قيد الحياة: يُظهر التزجيج معدلات بقاء مرتفعة للبويضات بعد الذوبان، تصل إلى 95%، مقارنة بمعدلات أقل بكثير (50-60%) في التجميد البطيء. يرجع هذا التفوق إلى إستخدام تركيزات عالية من المواد الحافظة التي تحمي الخلايا أثناء التبريد السريع. ملاحظة: حتى لو بقيت بعض البويضات حية بعد التجميد البطيء، فإنَّ جودتها تتدهور بسبب الأضرار الخلوية، مِمَّا يقلل فرص الإخصاب.
- تحسين معدلات الإخصاب والحمل: أظهرت الدراسات أنَّ الأجنة الناتجة عن التزجيج تتمتَّعُ بمعدلات إنغراس أعلى في الرحم مقارنةً بالأجنة المجمدة بالطريقة البطيئة، وأنَّ معدلات نجاح الحمل بإستخدام البويضات المزججة قريبة من تلك الخاصة بالبويضات الطازجة، بينما تكون معدلات نجاح الحمل بإستخدام البويضات المجمدة بالتجميد البطيء أقل بسبب إنخفاض جودة البويضات بعد الذوبان.
تجميد البويضات للمصابات بالسرطان
تَكمُنُ المشكلة حين تُصبح عملية تنشيط المبيض غير مُمكِنة عند بعض النساء المصابات بالسرطان لعدم وجود الوقت الكافي في حالة ضرورة التَدَّخُل العاجل والبدء الفوري للعلاج، أو في حالة وجود محاذير لتنشيط المبيض (تُؤدِّي هرمونات تحفيز المبيض إلى تنشيط الورم السرطاني).
في مثل هذه الحالات، يُمكن اللجوء إلى تقنية إنضاج البويضات في المختبر (IVM) أو تقنية تجميد أنسجة المبيض والتي تُعرَفُ أيضًا بإسم حفظ أنسجة المبيض بالتبريد. قد تكون تقنية IVM الخيار المثالي للحفاظ على خصوبة المرأة حيث ثَمَّةَ إحتمال أن يُؤدّيَ زرع أنسجة المبيض إلى عودة ظهور أمراض خبيثة غير مرغوب فيها.
إنضاج البويضات في المختبر (IVM) هي تقنية يتم فيها سحب البويضات غير الناضجة من المبايض لإنضاجها في المختبر، تستغرق عملية نُضُوج البويضة ما بين 24 و48 ساعة. بعد الحصول على بويضات ناضجة، تُجمَّدُ غير مُخَصَّبة وتُحفَظُ للإستعمال لاحقًا.
التطور التاريخي لعمليات التجميد
في ما يلي أهم المحطات التاريخية التي شهدتها عمليات حفظ الأمشاج والأجنة بالتجميد:
- الولايات المتحدة 1953: أوَّل ولادة بشرية مُسجلَّة من حيوان منوي مُجَمَّد (التجميد البطيء).
- أستراليا 1984: أوَّل ولادة في العالم مُستمدَّة من جنين مُجَمَّد (التجميد البطيء).
- سنغافورة 1986: أوَّل ولادة في العالم مُستمدَّة من بويضة مُجمَّدَة (التجميد البطيء).
- أستراليا 1999: ولادة أوَّل طفل في العالم من بويضة مُجمَّدَة بإستخدام تقنية التزجيج (التبريد فائق السرعة).
- الولايات المتحدة 2013: أُزيلت صفة “التجريبية” من تجميد البويضات بواسطة التزجيج من قِبل الجمعية الأمريكية للطب التناسلي (ASRM) بعد إثبات فعاليته.
تمَّ إِذَنْ تسجيل أوَّل ولادة من بويضة مُجمَّدَة عام 1986 بإستخدام تقنية التجميد البطيء، لكنَّ النتائج وقتها كانت غير مُشجعِّة، وتعلَّقت التحديات الرئيسية بتكوّن بلورات الثلج وتأثيرها السلبي على جودة البويضات، بالإضافة إلى إنخفاض معدلات نجاح الحمل. ظلَّ التطور بطيئًا إلى حين ظُهور تقنية التزجيج التي تُعدُّ تحوُّلًا جذريًّا في الحفاظ على الخصوبة، حيث تضمن جودة البويضات ونتائج أفضل عند إستخدام الخلايا لاحقًا.
يُنظِّمُ القانون التونسي عملية تجميد البويضات ويُحدِّدُ الشروط التي يجب تَوَافُرَها لإجراء هذه العملية. للمزيد من المعلومات حول تجميد البويضات، يُمكن التواصل مباشرةً مع الدكتور إسكندر بن علية عبر فايبر، واتساب أو إيمو.
إقرا أيضًا: عمليات الحقن المجهري في تونس – موقع واب الدكتور إسكندر بن علية.